المشهد الأول: الرجل الطيب وزوجته
الزوجة: أريد أن أقول لك شيئا يا زوجي العزيز، فهل تسمح لي بذلك؟
الزوج: تفضلي يا زوجتي العزيزة، ما تريد أن تقولي؟
الزوجة: لقد سمعت أن صاحبك تزداد ثروته في كل يوم، بينما ثروتك تنقص بكثرة إنفاقك على المساكين والمحتاجين... ألا تخشى الفقر يا زوجي.؟!
الزوج: يا زوجتي العزيزة... وهل كنا نملك شيئا في غابر الأيام، لقد خلقنا حفاة عراة... والله هو الذي رزقنا من فضله... وما نقص مال من صدقة يا زوجتي... ألا تعلمين ذلك.
الزوجة: نعم أعلم ذلك... ولكنك تنفق الكثير من المال على الفقراء، وحالك سيصير أقل من حال صاحبك الذي يستثمر ماله في جنتيه ولا يخرج منها شيئا...أتريد أن تصير أقل شأنا من صاحبك...
الزوج: ماذا تقولي يا زوجتي...اتق الله... هل هذه هي زوجتي التي كانت دائما تذكرني بالله...فكيف صرت الآن تذكرني بالدنيا...أما تعلمين بأن الأكثر شئنا عند الله هو من ازاد إيمانه وليس ماله...
الزوجة: نعم أعلم ذلك يا زوجي... أستغفر الله تعالى... إنني فقط لا أريدك أن تصير أقل شأنا من صاحبك...
الزوج: لا يا زوجتي إذا كنت تحبني حقا فخافي على نقصان إيماني وليس مالي...
المشهد الثاني: الرجل الكافر وزوجته
الزوج: ها ها ها... أتدري يا حبيبتي كم صرنا أغنياء، لا أحد في القرية أغنى منا...
الزوجة: لا يا زوجي صديقك كذلك من الأغنياء مثلك، هل نسيت...؟؟!!!
الزوج: لا لا يا زوجتي لم أنس ذلك، ولكن ما أعلمه أني سأصير أغنى منه...
الزوجة: كيف؟
الزوج: إنه ينفق ماله على الفقراء والمساكين، وسينقص حتما، بينما مالي سيزداد لأنه عندما يدخل إلى أكياسي لا أسمح له بالخروج أبدا... وإن خرج أجعله في حديقتي وأستثمره حتى أصير أغنى رجل في القرية.
الزوجة: هكذا إذا... إنك رجل ذكي... وماذا ستفعل بعد ذلك يا زوجي، عندما تصير أغنى رجل في القرية.
الزوج: سأتزوج عليك... ها ها ها ... إنني أمزح معك... بل سأستعبد كل الناس وسأصير رئيسهم، ولن أرحم أحدا منهم... وكلهم سيصيرون خداما لي وتحت قدمي...
المشهد الثالث: الرجل الغني يتجول في جنتيه:
آه ... هذه جنتي صنعتها بيدي وبمالي... وجعلت فيها نخيلا وأعنابا وشققت فيها أنهارا...ها ها ها ... إنها جنتي لي وحدي... فأنا أستطيع بمالي أن أملك كل شيء... ها ها ها ... فهل هناك أحد أغنى مني في هذه القرية...لا لا... لا يوجد أحد...حتى صديقي الذي كان من الأغنياء سمعت أنه ينفق ماله على الفقراء... ولا أشك أنه سيأتي يوما يسألني حاجته...
المشهد الثالث: الرجل الطيب والرجل الطماع
الرجل الطيب: يطرق باب صديقه...
الرجل الطماع: أيها الخادم... أنظر من الطارق... هل تعطل سمعك... أم أن قدمك ثقلت من كثرة الأكل...
الخادم: (يذهب لينظر من الطارق).... إنه يا صديقك يا سيدي...
الرجل الطماع: لماذا جاء؟ ماذا يريد مني؟ ... ( يستقبله ويسلم عليه) أهلا بك يا صديقي... ما الذي جعلك تذكرني بعد هذه المدة؟
الرجل الطيب: في الحقيقة يا صديقي جئت لاشتياقي إليك... وكذلك ....
الرجل الطماع: وكذلك ماذا؟
الرجل الطيب: في الحقيقة جئت أسألك شيئا من المال ريثما تصل قافلتي من الشام...
الرجل الطماع: ها ها ها ... ما ذا تقول؟!! وإذا لم تصل هذه القافلة، فماذا ستفعل، هل ستذهب إلى تلك الفقراء والمحتاجين لتسترد منهم مالك الذي أنفقته عليهم... في الحقيقة يا صديقي، لا مال عندي، فكل ما أجنيه من مال أستثمره على جناتي... وأنصحك يا صديقي أن تفعل مثلي... فالفقراء والمحتاجين سوى أناس كسالى لا هم لهم إلا التطلع إلى ما في يد الغير...
الرجل الطيب: اتق الله يا صاحبي... فالمال مال الله، وما أنت إلا مستخلف فيه، وعليك أن تؤدي حق الله في مالك... فكيف تقول مثل هذا الكلام... هل نسيت فضل الله عليك...
الرجل الطماع: ماذا تقول، المال مال الله... إنه مالي يا صديقي صنعت بيدي، فأنا الذي صنعت هذين الجنتين... واستثمرت ذلك حتى صار عندي ما صار... فلو انني أنفقت مالي كما فعلت أنت لصرت كحالك...ها ها ها.
الرجل الطيب: ماذا تقول يا صديقي هل تنكر فضل الله عليك، هل تعلقت بالدنيا وبجنتك إلى هذا الحد... إنها فانية ولن تدوم ابدا، بل هذا الكون وما فيه عائد إلى الله يوم القيامة... عد إلى رشدك يا صديقي.
الرجل الطماع: أي رشد... إنها جنتي صنعتها بدي ... وما أظنها تفنى أبدا... ونفترض أن هناك فناء كما تدعي... فإني سأجد خيرا عند ربي... فالله لا يعطي يوم القيامة إلا لمن جعل له مكانة في الدنيا كأمثالي... أما أنت يا صديقي ستصير فقيرا في قادم الأيام، ولن ينفعك إيمانك لا في الدنيا ولا في الآخرة.
الرجل الطيب: اتق الله يا صديقي، هل تدري ماذا تقول... إنك بكلامك هذا تكون قد تخليت عن إيمانك... أما أنا فإني غني بإيماني بالله تعالى... وما الدنيا إلا حياة فانية لا دوام لها...
الرجل الطماع: فانية ...لا أظن ذلك... فهل ستفنى هذه الجنان التي صنعتها... لا لا ... فإنها ستظل قائمة بثمارها، وأنا سأظل صاحب الجنتين....
الرجل الطيب: يا صديقي فالعقل لا يصدق الذي تقول... هل نسيت أصل وجودك، فأنت لم تكن شيئا، خلقك الله من تراب ثم من نطفة ثم سواك... وهو قادر على إحيائك بعد موتك...
الرجل الطماع: ماذا تريد أن تقول يا صديقي... هل تريد أن تقول بأن الله قادر على إفناء هذه الجنان التي أمتلكها... ما أظن ذلك سيحصل أبدا... وما أنت إلا رجل تحمل تعتقد الأوهام لا حقيقة لها...
الرجل الطيب: لا أحسدك يا أخي... فأنا أدع الله أن يزيدك من فضله... ولكن بكفرك هذا وبإنكارك لنعم الله... ما أظن أن الله تاركك... سينتقم منك في الدنيا قبل الآخرة إن لم تعد إلى ربك وتستغفر لذنبك...
الرجل الطماع: اذهب عني لا تأتي إلي مرة أخرى...فإني قد تشاءمت منك ... وقد عكرت علي سروري وفرحتي...
الرجل الطيب: سأذهب يا صديقي ولن أعود إليك... ولكن تذكر نصيحتي إليك... فإني مشفق عليك...
المشهد الـأخير: في الصباح سيذهب الرجل الطماع إلى جنتيه وسيجدها قد خربت بالكامل...
الرجل الطماع: يا ويلي يا ويلي... ماذا جرى لجنتي... كيف صار حالها هكذا... لقد ضاع مالي وذهب جاهي... لم أعد أمتلك شيئا... (وهو يقلب كفيه ويأخذ برأسه)...
اجتمع الناس حوله وهم يقولون: ما أعظمك يا ربي لقد أريتنا انتقامك من المغرورين والجاحدين لنعمك في الدنيا قبل الآخرة...
اجتمع أصدقاؤه الطماعين: وهم يقولون: لنذهب فلم يعد لنا حاجة به، لقد صار أفقر منا... هيا لنذهب حتى لا يطمع في مالنا، ويطل بمنا مساعدته... ولم يبق إلا صديقه الوفي.
الرجل الطماع: أيها الناس أين أنتم ذاهبون... يا أصدقائي.. يا أحبابي... لماذا تتركونني لوحدي... آه يا ربي آه... إني ظلمت نفسي كثيرا... وظننت أنني قد استغنيت عنك بمالي وجاهي... تب علي يا رب واغفر لي ذنبي...
الرجل الطيب: (ينظر إليه ويسمع كلامه)... لا عليك يا صديقي، فالله يغفر لعباده التائبين إليه.... والحمد لله الذي أهداك إليه قبل أن تموت وأنت جاحد لفضله... أما المال والدنيا فلا تحزن عليهما يا صديقي...فالله قادر على أن يغنيك من جديد... وأنا سأساعدك حتى تخرج من محنتك هذه... فلا تقلق.
الرجل الطماع: شكرا لك يا صديقي الوفي... فقد أراد الشيطان أن يجعلني من أتباعه... وإني كنت سأخسر الدنيا والآخرة معا... فجزاك الله على نصحك ووفائك يا صديقي... وأعتذر على ما صدر مني في حقك... فالدنيا تغري صاحبها وتنسيه حتى إيمانه بربه...
ذ. محمد رضا الحضري