المشهد الأول:
المدينة
تعرف حالة من الفوضى في انتهاك حقوق الناس والاعتداء على الفقراء والمحتاجين...
وموقف الفتية المؤمنين.
مرنوش: مَاذَا يجْرِي
فِي المَدِينَةِ, مَا هَذَا الفَسَادُ الأَخْلَاقِيُّ وَهَذِهِ الاِنْتِهَاكَاتُ الَّتِي
يُنْكِرُهَا القَلْبُ وَلَا يَقْبَلُهَا العَقْلُ... كَيْفَ لِهَؤُلَاءِ الأَغْنِيَاءِ
الجَبَابِرَةِ تَسْمَحُ لِهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِالنَّاسِ هَكَذَا...
فَأَنَا لَا أَقْبَّلُ هَذَا الشَّيْءُ، هَذَا ظُلْمٌ سَأَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ المَدِينَةِ
لِأَبْحَثَ عَنْ مَكَانٍ هَادِئٌ يَعِيشُوا فِيهُ النَّاسَ بِسَلَامٍ...
يمليخا: نَعَمْ يَا صَدِيقُي
مَارْنُوشْ, مَا تَقُولُهُ صَحِيحٌ...
مرنوش: وهل سمعت
قولي؟!
ميليخا: نعم سمعت ذلك، عندما كنت تردده بصوت عالي وأنت خارج من
قلعة (دقيانوس).
مرنوش: لقد أغلق على عقلي يا صديقي من شدة ما رأيت من ظلم وقهر
للمستضعفين.
ميليخا: نعم يا صديقي إنه ظلم وقهر للمستضعفين، والله لا يقبل هذا
أبدا... فهيا بنا يا صديقي لنبحث عن أرض يعبد فيها الله ولا تنتهك فيها الحرمات...
مرنوش: هل أنت كذلك مهاجر هذه القرية يا صديقي؟
ميليخا: نعم إني مهاجر وكذلك صديقنا ( مشلينيا)..فهو كذلك على ما
نحن عليه..
مرنوش: الله أكبر... حتى صديقنا (مشلينيا)
ميليخا: ليس وحده يا صديقي ( مرنوش) بل هناك عدة أصدقاء يؤمنون
بالله تعالى وينكرون ما عليه أهل القرية من الشرك والظلم.
مرنوش: الله أكبر، لقد أفرحت قلبي يا صديقي (مليخيا)، ظننت أنني
وحدي من ينكر هذه الأفعال البشعة التي لا يقبلها الله الواحد الأحد.
ميليخا: لكن يا صديقي لن نهجر هذه القرية حتى ندعو الناس إلى ما
نحن عليه، وإن رفضوا ذلك... نهاجر.
الراوي: وهكذا اجتمع الفتيا للذهاب
إلى سوق المدينة لدعوة الناس إلى الإيمان ونبذ الشرك وما يترتب عليه من ظلم
للعباد.
مخبر الحاكم: سيدي
سيدي (دقيانوس) سمعت أن هناك فتية يدعون الناس إلى دين جديد، وينتقدون حكمك
وأفعالك تجاه الناس...
الحاكم دقيانوس:
ماذا تقول؟ من هؤلاء الذين يتجرؤون علي، وأنا من أنا، أريدهم أمامي حالا لأقطع
رؤوسهم.
الراوي:
بلغ الفتية أمر الحاكم، وأنه في إثرهم، فخرجوا متسترين ليلا خوفا من بطش الحاكم
وظلمه.
ميليخا: الحمد لله يا
إخوتي لقد نجونا من القوم الظالمين...
مرنوش: الحمد لله يا
صديقي، لكن ربما يكونوا في إثرنا، ينبغي أن نسرع في المشي قليلا حتى لا يلحقوننا.
الراوي:
أسرع الفتية في المشي بالنهار والليل، حتى تعبوا من ذلك... فالتجؤوا إلى كهف قصد
الاستراحة...
المشهد
الثاني: تدور
فيه الأحداث داخل الكهف بعد قضاء ثلاث قرون وهم نيام
ميليخا: هيا يا إخوتي
هيا لنستريح من تعب السير في هذا الكهف الذي يبدو غير مكشوفا.
مرنوش: لنترك الكلب
عند الباب يحرسنا، حتى إذا رأى أحدهم آتيا ينبئنا بذلك فنفر بأنفسنا.
الراوي:
وبعد مدة ثلاث قرون ونيف، استيقظ الفتية من نومهم... وهم لا يدركون كم مدة لبثوا
في الكهف.
مرنوش: صديقي
(ميليخا) يبدو أننا نمنا كثيرا في هذا الكهف، انظر إلى حال شعورنا والأظفار التي
كبرت، والأجسام التي نحفت، والبطون التي فرغت...
ميليخا: نعم يا صديقي
يبدو كذلك؟
مشلينيا: يبدو أننا
نمنا يوما أو بعض يوم.
ميليخيا: لا يا صديقي
(مشلينيا) فالله هو وحده أعلم كم لبثنا.
مرنوش: اذهب يا
صديقي ( مشلينيا) إلى السوق فقد اشتد بنا الجوع، أليس كذلك يا إخوتي...
جميع الفتية:
نعم نعم إننا نحس ببطوننا فارغة، وهي تؤلمنا من شدة الجوع.
الراوي:
ذهب (مشلينيا) إلى السوق ليحضر الطعام بالمال الذي جمعه من إخوته المؤمنين.
المشهد
الثالث: (مشلينيا)
يشتري الطعام من السوق، والبائع يستغرب من نقوده القديمة، معتقدا أنها كنز عثر
عليه.
مشلينيا: أيها البائع،
أريد بعض الطعام الطازج، كم ثمنه؟
التاجر: درهمان
للقطعة.
مشلينيا: خذ
التاجر: مستغربا، ما
هذه النقود من أين أتيت بها، إنها تعود إلى زمن ( الحاكم دقيانوس)... هل عثرت على
كنز أيها الفتى.
مشلينيا: ماذا تقول
أيها التاجر هل جننت، إنها نقودي لم أعثر على أي كنز، خذ المال وناولني الطعام.
الراوي:
أمسك التاجر بيد (مشلينيا) وبدأ ينادي في الناس، أيها الناس هذا الفتى قد عثر على
كنز يعود إلى زمن (الحاكم دقيانوس)، و(مشلينيا) ينظر بتعجب إلى
التاجر، ويحاول أن يفلت نفسه منه، غير أن الناس اجتمعوا حوله وأخذوه إلى الحاكم...
الحاكم: قل أين عثرت
على النقود؟ أين مكان الكنز؟
مشلينيا: يا سيدي هذه
نقودي أخذتها من إخوتي، وهم ينتظرونني لآتي لهم بالطعام...
الحاكم: فلتخبرنا
بمكان الكنز ودع عنك الكذب وإلا عذبتك وسجنتك...
مشلينيا: أيها الحاكم،
لا أقول إلا الصدق، فقد خرجنا من القرية أنا وأصدقائي فارين من ظلم ( الحاكم
دقيانوس)، وقد نمنا في الكهف بعدما اشتد بنا التعب، فلما استيقظنا أحسسنا بشدة
الجوع، فأرسلني أصدقائي لآتي لهم بالطعام بعدما أخذت منهم النقود...فهذه هي
الحقيقة يا سيدي...
الحاكم: الحاكم
دقيانوس... دقيانوس مات منذ ثلاثة مئة سنة... هل تستهزء بي...
مشلينيا: ماذا تقول؟...
دقيانوس مات منذ ثلاث مئة سنة... آه يا عقلي هل جننت، ماذا أصاب هؤلاء القوم.
الراوي:
يتدخل العالم ( غالياس) الذي يوجد ضمن حاشية الحاكم.
غالياس: يا سيدي
الحاكم ربما يكون هذا الشاب على حق، لقد وقفت على قصة الفتية الذين خرجوا من
المدينة زمن ( الحاكم دقيانوس)، لعله يكون أحدهم يا سيدي...
الحاكم: ماذا تقول،
هل هذا الشاب من ؤلائك الفتية التي تتحدث عنهم الكتب والروايات...
غالياس: ربما يا
سيدي، فلنتأكد من هذا.
الحاكم: أيها الجند،
اذهبوا مع هذا الشاب واتوا لي بالفتية الذين يزعمون أنهم يعودون إلى زمن (الحاكم
دقيانوس)، لأنظر في أمرهم.
المشهد
الرابع: الجند يذهبون بصحبة (مشلينيا) للإحضار بقية الفتية.
قائد الجند: سيدي
الحاكم لقد أتينا بهم، وكلهم ينادون فليمت ( دقيانوس)، يبدوا يا
سيدي أنهم يظنون أنفسهم في زمن (دقيانوس).
الحاكم: ماذا؟
فلتأتيني بهم...
الراوي:
ها هم الفتية أمام الحاكم الذي يظنونه الحاكم ( دقيانوس).
كل الفتية:
فليمت (دقيانوس)، لا للشرك، لا للظلم، لا لقهر العباد.
الحاكم: فلتصمتوا
أيها الفتية، (دقيانوس) مات منذ زمن، أنا هو الحاكم...
الفتية: ماذا؟ ماذا
يقول، هل مات (دقيانوس)، الله أكبر، الله أكبر...
مشلينيا: يا إخوتي،
لقد مات (دقيانوس) منذ ثلاثة قرون، إننا نعيش في زمن ليس بزماننا..
مرنوش: ماذا تقول
يا (مشلينيا) هل أماتنا الله وبعثنا من جديد؟
مشلينيا: نعم نعم يا
إخوتي...
ميليخيا: الله أكبر
الله أكبر يا إخوتي، لقد جعلنا الله آية للناس أجمعين، حتى يبن عظمته وأن البعث
حاص بلا ريب...
الحاكم: ليعد هؤلاء
الفتية إلى كهفهم، حتى يجعل الله لهم مخرجا.
الراوي:
عاد الفتية إلى كهفهم، لينموا من جديد، وأخذ الله أرواحهم أجمعين بلا عودة إلى يوم
الدين.
ذ. محمد رضا الحضري