-->

حول الامتحان الجهوي للتربية الإسلامية جهة بني ملال خنيفرة

    ذ عبد العزيز أمصاد ||

    || اجتاز تلاميذ السنة الأولى بكالوريا صباح اليوم الجمعة 1 يونيو 2018 الامتحان الإشهادي في مادة التربية الإسلامية للسنة الثانية من تغيير المنهاج الدراسي للمادة، فبعد نظرة متفحصة لموضوع الاختبار سجلت الملحوظات التالية التي طبعا لا تبخس المجهود الجبار للجنة المكلفة بوضع الاختبار ..

    1- الوضعية التقويمة تمت صياغتها بدقة حيث تحمل في طياتها إشكالا يتطلب حله تعبئة وإدماج الموارد المعرفية والمهارية والقيمية الضرورية لذلك وهو ما يعكس إلى حد كبير الوفاء للمقاربة البيداغوجية المعتمدة، غير أن فيها تكلفا لعل السبب فيه هو قصد الإحاطة والتغطية لمعظم مداخل المقرر، بينما كان يكفي الوقوف عند حدود الاشكال ( وهو الاختلاف حول اسس عمارة الارض) وترك المتعلم يستدعي القضايا التي تناولتها المداخل تأسيسا لمقصد العمارة الذي هو كما لا يخفى البعد الغائي والحضاري الذي تنتهي إليه جميع المداخل ، وذلك من خلال صياغة أسئلة تتغيى ذلك، فكلما كانت الوضعية أوجز كلما كان الاشكال أوضح للمتعلم وكلما كانت الفرصة لتنويع الأسئلة أكبر. 

    2- السند الأول وهو نص قرآني الآيات 21 الى 23 من السورة المقررة ( سورة يوسف) تم اختياره بدقة كونه يتضمن مجموعة من القيم (الإحسان والعلم والوفاء والعدل والأمانة ) ويقدم صورة ممتازة للقدوة الحسنة في مواجهة الفاحشة وشتى انواع الإفساد المفضية إلى خراب العمران وهو ما يتيح فرصا كبيرة لاستثماره من قبل المتعلم في الجواب على مجموعة من الأسئلة 
    3- السند الثاني عبارة عن نص سيري يتناول صلح الحديبية وقضايا التفاوض والاستشارة، إلا أن من شأنه تشتيت انتباه المتعلم خاصة إذا ما حاول المتعلم رصد علاقة التفاوض من أجل الصلح ورفض الصحابة للتحلل، لأن السند يهدف إلى تأطير التفاوض والاستشارة في سياقين مختلفين تم جمعهما في نص واحد .
    4- الأسئلة على العموم جاءت متنوعة من حيث المهارات المستهدفة ( تحديد المفاهيم السؤال 2، التعبير عن الموقف والتعليل السؤال 3 وكذا السؤال 8 ، الاستدلال السؤال 5- الاستشهاد السؤال 4 أ و ب، الاستنباط السؤال 7 أ و ب، التوظيف السؤال 9 أ ، ثم مهارة الاسترجاع جاءت موزعة على مختلف الأسئلة ) غير أن هذه الأسئلة صيغت على شكل نصوص مصغرة من شأنها أن تشوش على فهم المتعلم للموضوع كما أن أغلبها يتضمن توجيها نحو الجواب فمثلا : 
    السؤال 4 أ - اكتب ردا على هذا الرأي مستشهدا بما ورد في القرآن الكريم على لسان يوسف عليه السلام من طلبه تحمل المسؤولية في تدبير خزائن مصر بناء على حفظه لأمانة وكفاءته العلمية معا
    فهذا السؤال لن يمكن من اختبار قدرة المتعلم على انتقاء النص المناسب لفحوى الإجابة وفيه توجيه مباشر إلى الجواب ، فكان من الممكن أن يكتفى في السؤال ب مستشهدا بنص قرآني من سورة يوسف
    السؤال 8 - حدد موقفك من هذا المثل( شاورها ولا تأخذ برأيها ، مثل شعبي ) وما فيه من استبداد بالرأي وبعد عن روح الإسلام في معاملة الأهل، مستحضرا حسن مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم زوجه أم سلمة رضي الله عنها ونزوله عند رأيها 
    السؤال لم يترك فرصة للتلميذ للتعبير عن موقفه مع العلم أنه لو اقتصر فيه على: حدد موقفك من هذا المثل؟ لكان فرصة لقياس مدى تحكم المتعلم في كفاية مستعرضة تتجاوز منهاج التربية الإسلامية إلى الميثاق الوطني للتربية والتكوين يتعلق الأمر بتقويم مدخل التربية على الاختيار، فقد يتفق المتعلم مع المثل وقد يعارضه لكن سيكون متوافقا مع الأهداف المسطرة لدروس فقه الأسرة إذا اختار المعارضة ويكون اختياره صائبا .
    5- نسجل كذلك للسنة الثانية على التوالي غياب تام لدروس الإيمان والفلسفة من مدخل التزكية والزواج والطلاق من مدخل الإستجابة مع ما لهذين الأخيرين من دور في ترييض عقل المتعلم لأنهما يتيحان أسئلة اختبار الذكاء من قبيل تحديد أحكام الزواج ، وربط مدد العدة بحالات المطلقة، وتحديد أنواع الطلاق...، كما نسجل كذلك غيابا للحديث النبوي الشريف وهو الذي يؤطر اغلب دروس فقه الأسرة وغياب هذا من غياب ذاك.
    لكن إجمالا موضوع الإختبار لهذه السنة حقق قفزة نوعية سواء من حيث موافقته للإطار البيداغوجي أو من حيث معايير الملاءمة والتمثيلية والتغطية وهذه الملاحظات ما هي إلا مساهمة متواضعة في سبيل تجويد الممارسة التربوية في تدريسية المادة 
    فأجدد متمناتي بالتوفيق للجميع





    شارك المقال

    # مقالات متعلقة