-->

رسالة إلى الأستاذ المربي الحكيم وإلى التلميذ الفطن اللبيب


    الدكتور البشير القنديلي

    سلام الله عليكما ورحمة منه وبركاته

    وبعد، لقد خصكما الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بخصائص، وميزكما بمميزات منها: 

    استثناء العالم والمتعلم من لعن الله للدنيا الفانية بحطامها وزخرفها، فقال:( الدنيا ملعونة ملعون مافيها الا ذكر الله وما والاه وعالما أومتعلما...). وقال صلى الله عليه وسلم (‏إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) 
    وخصك ايها التلميذ اذا خلصت نيتك وتحرر قصدك من طلب العلم وتحصيله بأن سهل الله لك بسعيك وكدحك في سبيلك الدراسي والعلمي طريقا الى الجنة( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة.)الحديث.
    فهل يليق بك ان تخسر هذه الهدايا الثمينة، والمحفزات الحقيقية بنزوات ورعونات وشهوات وانفعالات وضغوطات عابرة اكثرها مما كسبت ايدي الناس( قل هو من عند انفسكم)
    - أيها التلميذ استفرغ جهودك واستثمر اوقاتك في الطلب والتحصيل فمجالاته رحبة واسعة، تنقضي وتفنى دون بعضها الاعمار. فكن عالي الهمة كبيرا بعقلك ووجدانك، ساميا بخلقك واجتهادك. واترك سفاسف الامور وصغائرها فضلا عن قبائح التصرفات وشرور الرذائل فإنها، والله، ملهية منسية مذهبة لبركة الجهود والأوقات. لا تغرنك فورة الشباب وحماسة اللحظة ووسوسة قرناء السوء، فكل ذلك آيل الى زوال، وراجع بالخسران والوبال.
    - ايها الأستاذ لا تبتئس بما يفعله سفهاء التلاميذ ومتمردوهم فقد مردو على العصيان لاقرب المقربين اليهم وتمردو قبل مجيئهم اليك على اعراف ومنظومة قيم بلدهم وعلى الصق الناس بهم، ممن ذاقوا الامرين لتنشئتهم قبل ان يتمردو عليك، فإذا اعطوا ما لا يستحقون من النقط زورا وبهتانا رضوا وإن لم يعطوا عدلا وانصافا اذا هم يسخطون!
    لكن، احذر أن تؤتى المنظومة من قبلك بالخذلان والتقاعس والتمييز والمحاباة والابتزاز، وسد الثغور من جهتك. فلا تؤاخذ سوادهم الاعظم بسفهائهم القلة، لأن عاقبة الظلم وخيمة وستطولك سياطه ولو بعد حين! ولبرآء التلاميذ وانقياء السرائر منهم دعوات وآهات وزفرات كالسهام لاتدري متى تصيبك فترديك، وتفسد عليك لحظاتك دون ان تدري مصدر المنغصات ومنطلق الصدمات والازمات!
    -ايها الاستاذ وايها التلميذ مشكل المنظومة التعليمية اكبر منكما معا ويتداخل في فشلها عوامل يتحمل قسطا معتبرا منها السياسات المتعاقبة والمسؤولون الكبار والصغار كل من موقعه وبحسبه. فلا يقصرن بكم النظر ولا تضيقا الافق!!
    - وختاما ايها الاستاذ المربي وأيها التلميذ اللبيب لستما خصوما لبعضكما فهمكما واحد هو إصلاح ما فسد من أوضاع، وتقويم ما انحرف من اعوجاج. وعدوكما واحد هو الامية والجهل والتخلف والظلم، فلم التنابز والشقاق؟ وثقب سفينتكما يتسع بمعوليكما معا. فليسع كل منكما إلى جبر الضرر ورتق الفتق لئلا يتسع الخرق ويوغر الجرح فتغرق السفينة التي تحتاج الى ربابنة حكماء وركاب نبهاء! فلا تحرفوا النقاش وتفقدوا البوصلة فيتيه القارب قبل غرقه. والله المستعان وعليه التكلان وهو سبحانه القادر على تنبيه الانسان لمعرفة مواطن الخلل و النقصان!!
    المصدر الأصلي:
    شارك المقال

    # مقالات متعلقة