عنوان الدرس: إيواء الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته
(أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه - أم سليم رضي الله عنها)
عنوان المدخل : مدخل الاقتداء
الفئة المستهدفة : الثالثة ثانوي إعدادي
النصوص:
قال تعال: ( والذين تبوؤوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصا ومن يوق شح نفسه فأولائك هم المفلحون ) سورة الحشر:9
التحليـــــــــــــــل:
المحور الاول: استقبال أهل المدينة للرسول ﷺ وصاحبه ابي بكر:
ما إن ركب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبة أبو بكر الصديق رضي الله عنه راحلتهما، وسارت بهما من ديار بني سالم متجهة نحو المدينة، إلا وخرج أهل المدينة كل يوم إلى ظاهر المدينة ينتظرون قدوم الحبيب، حتى إذا اشتد الحر عليهم عادوا إلى بيوتهم، وظلوا هكذا حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه النبي ﷺ انتظروه حتى لم يبق مكان فينه ظل يستظلون به فعادوا إلى بيوتهم.
ووصل النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وقد دخل الناس بيوتهم، وكان اليهود يرون ما يفعله الأنصار، فلما رآه رجل من اليهود صرخ بأعلى صوته: يا بني قيلة (وهي جدة للأنصار ينسبون إليها، وهي بنت كاهل بن عذرة)، هذا صاحبكم قد جاء.
فخرج أهل المدينة عن بكرة أبيهم لاستقبال الحبيب ﷺ بفرحة غامرة، فامتلأت بهم الطرقات، حتى أسطح المنازل امتلأت بالنساء والأطفال والرجل، وهم يقولون: "الله أكبر جاء رسول الله .. الله أكبر جاء محمدًا .. الله أكبر جاء رسول الله".
وخرجت الفتيات الصغيرات بالدفوف يتقدمون أهل المدينة الذين خرجوا في الطرقات وهم يحملون سعف النخيل، وينشدون فرحين.
في المدينة استقبل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول كل قبيلة اقم عندنا في العدة والعدد ويقول خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فلما انتهت إلى بيت أبى أيّوب الأنصاري بركت ووضعت جرانها في الأرض. فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاحْتَمَلَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ رَحْلَهُ، فلما دعاه الناس إلى بيوتهم قال ﷺ: “المرء مع رحله”.
فنزل رسول الله ﷺ على أبي أيوب وأقام عنده سبعة أشهر إلى أن بنى المسجد.
المحور الثاني: محبة الرسول ﷺ ونصرته:
1- ايواء الرسول ﷺ من طرف ابي ايوب الانصاري:
كان لأبي أيوب بيت من طابقين فأراد أن يكرم رسول الله ﷺ بانزاله في الطابق الثاني، فاختار رسول الله ﷺ أن يسكن في الطابق الأرضي حرصاً منه على راحة زواره، ومع هذا فقد كان أبو أيوب وزوجه حريصاً ألا يزعج رسول الله ﷺ بشيء يتأذى منه حتى ولو كان خطوة يخطوها أو ماء يهراق.
روى الحاكم في مستدركه باسناد صحيح عن أبي أمامة الباهلي عن أبي أيوب الأنصاري قال: لما نزل علي رسول الله ﷺ قلت: بأبي أنت وأمي ، إني أكره أن أكون فوقك وتكون أسفل مني، فقال رسول الله ﷺ : إني أرفق بي ان أكون في السفلى لما يغشانا من الناس فقال أبو أيوب: فلقد رأيت جرة لنا انكسرت فأهريق ماؤها، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها، ننشف بها الماء فرقاً أن يصل إلى رسول الله ﷺ شيء يؤذيه.
2- سلوك أم سليم تجاه الرسول ﷺ:
جاءت أم سليم بأعز ما تملك؛ ابنها وفلذة كبدها ووضعته في خدمة النبي ﷺ، كانت أم سليم ترجو بذلك إرضاء ربها ورسوله وتأمل أن يتعلم ابنها العلم من النبي مباشرة، لا شك أن أم سليم تعرف كيف وعلى ماذا ربته وكان أنس عند حسن ظنها، كلنا يعرف من هو أنس بن مالك خادم النبي، يا له من شرف عظيم، أحبه النبي ﷺ وقربه ودعا له بقوله: «اللهم أكثر له ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه» (السلسلة الصحيحة [5/287])، وقد استجاب الله دعاء نبيه فكان أنس آخر من مات من الصحابة بالبصرة، وقد قارب المائة من عمره، وأكثر الله ماله وأولاده، وكان أنس يقول: "وإني والله لأرجو الرابعة أي أرجو مغفرة الله تعالى".
إذن هكذا كانت أم سليم؛ أعملت عقلها وبحثت عن مستقبل ابنها ووضعته في البيئة التي تضمن نجاحه وفلاحه بإذن الله، ولهذا قلنا في بداية الحلقة أنها أم لا كالأمهات، ألا يجب أن تكون أم سليم قدوة لكثير من أمهات اليوم، يؤلمنا أن نجد معظم الأمهات ينصب على تربية أجساد أولادهن فيطعمنهم أحسن الطعام ويلبسنهم أحسن اللباس ولكنهم يغفلن عن تغذية عقولهم وأرواحهم، تبخل أنفسهم علي أن تجود بهم لطلب العلم وخدمة الإسلام.
العودة لـ(صفحة الملخصات)